الاثنين، 21 ديسمبر 2015

قصة نبيّ الله يونس عليه الصلاة السلام

๑•ิ.•ั๑๑•ิ.•ั๑ ๑•ิ.•ั๑ ๑•ิ.•ั๑
[۩ البيان الحق لقصص الأنبياء ۩] 
قصة نبيّ الله يونس عليه الصلاة السلام
قال الله تعالى:
{ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَاوَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴿٩٨﴾}
 
 صدق الله العظيم [يونس]
فلماذا استثنى الله قوم يونس وأنهم الوحيدون الذين آمنوا ونفعهم إيمانهم في يوم العذاب الأليم بعد أن شاهدوا عذاب الله 
كما وعدهم نبيّ الله يونس؟
 فلماذا نفعهم إيمانهم وتغيُّرت سُنّة الله في الكتاب في الذين كفروا؟
والجواب من مُحكم الكتاب:
{ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴿١٤٧﴾ } 
 صدق الله العظيم [الصافات]
فأما المِائة ألف: فهم تعداد قوم يونس، 
وأما الزيادة:فهو رجلٌ واحدٌ غريبٌ آمن بدعوة نبيّ الله يونس وكتم إيمانه والتزم بيته خشية أن يفتنه قوم يونس وهو رجل غريب عن قوم يونس فالتزم داره ولم يخبر أحداً بإيمانه، حتى نبيّ الله يونس خشي أن يفتنه قومه ولذلك حين جاء الأمر ليونس بالخروج من قريته عن طريق جبريل وأُخبر نبيّ الله يونس بالعذاب بأنه سوف يصيب قومه بعد ثلاثة أيامٍ، ثُمّ أخبرهم يونس وخرج من قريتهم بعيداً ولم يخبر المؤمن لأنه لا يعلم أصلاً بإيمانه لاهوولاجبريل عليه الصلاة والسلام، 
وبعد انقضاء الثلاثة أيام فإذا بعذاب الله نازل عليهم من السماء كما أخبرهم نبيّ الله يونس فصرخوا من الفزع فسمع الرجل المؤمن صراخهم فخرج من داره ليتبيّن ما خطبهم فإذا هم يصرخون بسبب نزول عذاب الله عليهم كما أخبرهم يونس 
ومن ثُمّ قام الرجل المؤمن خطيباً فيهم وقال: 
[ أيها النّاس لو ينفع الإيمان بالرحمن حين وقوع العذاب لنفع الذين من قبلكم فقد خنتم عهد الله من بعد إيمانكم بالأزل القديم ولم يبقَ لكم إلا عهد الله لكم الذي كتبه على نفسه فاسألوا الله بحقّ رحمته التي كتب على نفسه أن يكشف عذابه عنكم برحمته وقولوا:
[ربنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ].
فجأر بهذا الدُّعاء ذلك الرجل المؤمن والقوم من خلفه يقولون: [آمين اللهم آمين]
 وكانوا يجأرون وهم يبكون وآمنوا كلهم أجمعون، تصديقاً لقول الله تعالى: 
 { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴿١٤٧﴾ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴿١٤٨﴾ } 
 صدق الله العظيم [الصافات]
وأما نبيّ الله يونس فذهب عنهم بعيداً كما أمره الله سبحانه ولم يعد إلّا بعد انقضاء ثلاثة أيامٍ لينظر ما حلّ بقومه، وجاء بعد غروب شمس اليوم الثالث واقترب من قُرى قومه ليلاً فإذا هم مُسرجين دورهم ولم يحدث لهم شيء كما ظنّ يونس فهو لا يعلم أنّ العذاب قد أتى وأنّ الذي أنقذ قومه من بعده الرجل المؤمن وهو أعلم من نبيّ الله يونس عليه الصلاة والسلام، ولكن نبيّ الله يونس غضب من ربّه لِمَ لمْ يرسل عذابه على قومه المُكذّبين بدعوته؟! 
ولم يجرؤ أن يظهر على أحد منهم فذهب مُغاضباً من ربّهم لدرجة أنه ظنّ أن لن يقدر الله عليه كما 
لم يقدر على تعذيب قومه. وقال الله تعالى:
{ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧﴾ }
  صدق الله العظيم [الأنبياء]
وذلك يونس ورمز الله له باسمه من أحد حروف اسمه الأول النون، ويقصد الله بقوله {وَذَا النُّونِ} أي يونس ولكنه لم ينطق بالحرف بل رمز له بلفظه (نون). وأما قوله: {وَذَا النُّونِ} أي ذي الحرف نون في اسمه (يونس)، وذلك لكي يكون سُلطاناً لصاحب عِلم الكتاب في بيان الأحرف بأوائل السور لكي تعلموا أنها رموزٌ لأسماء خُلفاء الله في الكتاب، ولا نخرج عن الموضوع 
 قال الله تعالى:
{ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧﴾ }
 
صدق الله العظيم
ويقصد يونس الذي ذهب مُغاضباً من ربّه لماذا لم يصُبَّ على قومه عذابه؟ فكيف يواجههم وقد أخبرهم أنّ العذاب سوف يُصيبهم بعد ثلاثة أيام؟ ولذلك ذهب مُغاضباً من ربّه حتى إذا وصل ساحل البحر فركب في الفلك المشحون بالركّاب حتى إذا وصلوا وسط البحر علموا أنّهم سوف يغرقون فلا بدّ من تخفيف حمولة الرُكّاب و بدل أن يغرقوا جميعاً قرروا أن يسهموا ومن طار سهمه فسوف يقذفوه في البحر لكي تخفّ حمولة المركب، فاختار الله سهم نبيه يونس ليذوق جزاءه. وقال الله تعالى: 
 { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٩﴾ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١٤٠﴾ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴿١٤١﴾ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴿١٤٢﴾ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣﴾ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤٤﴾ } 
صدق الله العظيم [الصافات]
وكان حكم الله على نبيه يونس أن يتعمّر إلى يوم البعث، وكذلك يُعمّر الحوت إلى يوم البعث وهو في بطنه مُعذبٌ بدون طعامٍ ولا شرابٍ إلى يوم البعث، ولكن نبيّ الله يونس ناجى ربّه برحمته التي كتب على نفسه وقال:
 { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧﴾ }
  صدق الله العظيم [الأنبياء]
ودعا ربّه في ظُلمات البحر و ظلمات بطن الحوت وظلمات الليل وكان يناجي ربّه ويقول:

[ سُبحانك ربي لا إله إلّا أنت ظلمت نفسي فإن لم تغفر لي وترحمني لأكونن من الخاسرين ]
حتى تداركه الله برحمته وكذلك يجزي الله من يُسبّح ربّه فيُحاجّه برحمته، ولولا ذلك التسبيح والإقرار أن ليس له غير رحمة ربّه للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، ولكنه بالدعاء استطاع أن يُغيّر ما في الكتاب فأنقذه الله، و يمحو الله ما يشاء ويُثبت وعنده أمّ الكتاب. 

وقال الله تعالى:{ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣﴾ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤٤﴾ } 
صدق الله العظيم [الصافات]
ولن أجد في الكتاب أن الله كشف العذاب إلا عن أُمَّتين اثنتين، فأمّا أمةٌ فكان تعدادهم مائة ألف ورجل غريب الوطن، أي: أن تعدادهم مائة ألف ويزيدون واحداً كان يسكن معهم وليس من قوم يونس، وهو الوحيد الذي آمن بنبيّ الله يونس ولكنه كتم إيمانه لأنه ليس له قبيلةٌ تحميه من أذاهم وشرهم والتزم داره ولم يخبر بإيمانه أحداً حتى نبيّ الله يونس، وعندما أمر الله يونس بالارتحال لم يخبر هذا الرجل الصالح ليصطحبه معه لأنه لا يعلمُ بإيمانه، ولذلك مكث الرجل بين قوم يونس وحين انقضت الثلاثة أيامٍ كما وعدهم نبيّ الله يونس بإذن ربّه فإذا بالعذاب قد جاءهم من فوقهم فسمع الرجل الصالح صريخ النّاس من الفزع، وإذا هم يقولون:
 نشهدُ أن لا إله إلا الله ونشهدُ أن يونس رسول الله، ومن ثم خرج الرجل فأبصر كسفاً من السماء ساقطاً عليهم، وعلموا أنه ليس سحاب مركوم بل هو العذاب الأليم الذي أخبرهم عنه نبيّ الله يونس أنه سوف يأتيهم بعد ثلاثة أيام.
ومن ثم قام في قوم يونس خطيباً فوعظهم وقال:
" أيّها النّاس لو ينفع الإيمان لقومٍ كفروا برسل الله ومن ثم يؤمنوا حين نزول العذاب إذاً لما أهلك الله أحداً ولكشف الله عنهم العذاب فيكلّ مرّة ولكنه لا ينفعهم الاعتراف بظُلمهم حين نزول العذاب وتلك سُنة الله في الكتاب على الذين كفروا بالحقّ من ربّهم ولن تجد لسُنة الله تبديلاً، غير أني أعلمُ لكم بُحجة على ربّكم". 
ومن ثم قاطعه القوم وقالوا: "وماهي؟"، فقال:
"وكتب ربّكم على نفسه الرحمة فاسألوه بحقّ رحمته التي كتب على نفسه ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين".
ومن ثم صلّى بهم الرجل ركعتين لكشف العذاب وناجى ربّه وقال:

"ربنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم إننا نجأر إليك مُتوسلين برحمتك التي كتبت على نفسك وأمرتنا أن ندعوك فوعدتنا بالإجابة فاكشف عنا عذابك إنك على كلّ شيء قدير، ووعدك الحقّ وأنت أرحم الراحمين".

وكانوا يجأرون معه بالدُّعاء سائلين الله رحمته، وصدّقوا الرجل أنه لا نجاة من عذاب الله إلا الفرار إلى ربّهم وعلموا أنه لا ينفع الإيمان بالحقّ وقتها والاعتراف أنهم كانوا ظالمين فلا ينفعهم حين نزول العذاب كما لم ينفع الذين من قبلهم ولذلك جأروا إلى الله سائلين رحمته التي كتب على نفسه، ومن ثم نفعهم الإيمان برحمة الله ولم يستيئسوا من رحمة ربّهم.

ولذلك نفعهم إيمانهم واستطاعوا تغيير سُنَّةً من سُنن الكتاب في وقوع العذاب، فهم الوحيدون الذين نفعهم إيمانهم من بين الأمم الأولى والسر في ذلك هو سؤال الله بحقّ رحمته التي كتب على نفسه ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين.

وقال الله تعالى:
{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْ‌يَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴿٩٨﴾}
صدق الله العظيم [يونس]
وذلك هو سبب النّجاة من العذاب لقوم نبيّ الله يونس بسبب الدُّعاء الذي علمهم إياه الرجل الصالح، 
وأما قُرى الأمم الأخرى الذين أهلكهم الله:
 فلن ينفعهم الإيمان بالحقّ من ربّهم حين نزول العذاب والاعتراف أنهم كانوا ظالمين، وما زالت تلك دعوتهم ولا غير في كلّ زمان إلا قوم يونس. وقال الله تعالى:
{كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِ‌كَ حَرَ‌جٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ‌ بِهِ وَذِكْرَ‌ىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾ اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن ربّكم وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قليلاً مَّا تَذَكَّرُ‌ونَ ﴿٣﴾ وَكَم مِّن قَرْ‌يَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هم قَائِلُونَ ﴿٤﴾ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٥﴾ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْ‌سِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْ‌سَلِينَ ﴿٦﴾ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴿٧﴾}
صدق الله العظيم [الأعراف]
وما زالت تلك دعواهم وهي:
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾}
[الأنبياء]
وقال الله تعالى:

{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}
صدق الله العظيم [الأعراف:5]
ومازالت تلك دعواهم فلم ينفعهم من عذاب الله. تصديقاً لقول الله تعالى:

{وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْ‌يَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِ‌ينَ ﴿١١﴾ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هم مِّنْهَا يَرْ‌كُضُونَ ﴿١٢﴾ لَا تَرْ‌كُضُوا وَارْ‌جِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِ‌فْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾}

صدق الله العظيم [الأنبياء]
فانظروا لقول الله تعالى:
 {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ}
  صدق الله العظيم، 
وذلك لأنه ليست الحجة لهم على الله الاعتراف بظلمهم فيرحمهم حين نزول العذاب سنة الله في الكتاب ذلك لأن الله
 قد أقام عليهم الحُجّة ببعث الرسل تصديقاً لقول الله تعالى:
{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حجّة بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}
صدق الله العظيم [النساء:165]
ويا طالب الحقّ، 
إن كنت تريد الحقّ فأقول لك كما قال نبيّ الله موسى وجميع المرسلين من ربهم صلّى الله عليهم وسلّم تسليماً
 {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الحقّ} 
[الأعراف:105].،
 ويا رجل ليس ناصر محمد من أفتى بغضب نبيّ الله يونس من ربّه؛ بل الله من أفتى بذلك في قول الله تعالى:
 {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
 صدق الله العظيم [الأنبياء:87].
فانظر لفتوى الله تعالى:
{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}
بمعنى:أنّه ظنّ أنّ الله لن يجازيه عن التولّي عن استمرار الدعوة لكونه يرى أنّ الله لن يعذب قومه برغم كفرهم فقال: 
"وأنا لن يفعل الله بي شيئاً".
 وليس ذلك من باب التحدي منه وإنما بالمقارنة بينه وبين قومه الذين لم يعذبهم الله فهو لا يعلم إنما صرف الله عنهم العذاب بسبب دعاء العبد الصالح الذي علَّم قوم يونس أن لا يستيئِسوا من رحمة الله فجأروا إلى الله معه بالدعاء فاستجاب لهم إنه هو السميع العليم 
ويا رجل،
 أفلا تتفكر في الحكم الذي كان قد حكم الله به على نبيّه يونس عليه الصلاة والسلام في الكتاب في علم الغيب! 
أفلا ترى أنه كان حكماً عظيماً كون الله حكم على نبيّه يونس بسبب غضبه من ربّه بغير الحقّ وترك الدعوة والتولّي عن المهمة المكلف بها من ربّه فمن ثمّ حكم الله عليه في علم الغيب بالسجن المؤبد، ليس طيلة حياته بل طيلة الحياة الدنيا، وكذلك يطيل الله عمره بعمر الحياة الدنيا فتستمر حياته وحياة السجن الذي سجنه الله فيه (الحوت) بسبب غضبه من ربّه بغير الحقّ والتولّي عن الاستمرار في مهمة النبوّة بسبب أنّ الله لم يعذب قومه، وقال الله تعالى: 
 {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} 
صدق الله العظيم [الأنبياء:87].
ولكن بالدعاء تستطيعون أن تغيِّروا حكم القدر المقدور في الكتاب المسطور
 كما غيَّر الحكم على يونس عليه الصلاة والسلام بسبب دعائه وتضرعه إلى ربّه مُسبِّحاً ومنيباً إليه ولولا أنّ الله غيّر الحكم عليه بسبب تضرعه إلى ربّه لكان قضى حكم السجن المؤبد طيلة الحياة الدنيا إلى يوم البعث. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} 
 صدق الله العظيم [الصافات].
ولكني أراك حبيبي في الله تُبرِّئ نبيّ الله يونس وتصف الله بالظالم!

 ولربّما يودّ أن يقاطعني (طالب الحق) ويقول: 
"اتقِ الله يا ناصر محمد اليماني فلم أصف الله سبحانه بالظلم.
 تصديقاً لقول الله تعالى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} 
صدق الله العظيم [الكهف:49].
ومن ثمّ يردّ عليك الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:
 إذاً فالسؤال الذي يطرح نفسه للعقل والمنطق هو: 
فهل ظلم الله نبيّه يونس عليه الصلاة والسلام؟
 وبما أنك أتيت لنا بالجواب الحقّ من محكم الكتاب بقول الله تعالى:
  {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} صدق الله العظيم [الكهف:49]. 
فمن ثمّ أقيم عليك الحجّة بالحقّ وأقول: 
إذاً فلماذا حكم الله على نبيّه يونس عليه الصلاة والسلام بالسجن المؤبد طيلة الحياة الدنيا إلى يوم البعث وهو في بطن الحوت؟ 
كون الله سوف يعمَّره ويعمِّر الحوت إلى يوم البعث حتى يقضي الله حكمه بالحقّ على نبيّ الله يونس بالسجن المؤبد طيلة الحياة الدنيا. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)}
 صدق الله العظيم، 
ولكن الدعاء يغيّر الحكم في الكتاب فيبرئ الله ما يريد ويثبت.
 تصديقاً لقول الله تعالى: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}
 صدق الله العظيم [الرعد:39].
وقال الله تعالى: 
 {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} 
صدق الله العظيم [الحديد:22].
ونعم
{إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} كون الله على كل شيء قدير، وبما أنّ الله أمركم بالدعاء فوعدكم بالإجابة دونما قيد أو شرط غير شرط الإخلاص في الدعاء لله وحده وجبت الإجابة من الربّ حتى ولو كان دعاء كافرٍ أو مشركٍ أجابه الله إذا جاء في لحظة دعائه وقلبه خالٍ من الشرك ونسي ما كان يشرك به الله.
تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (43)}
 صدق الله العظيم [الأنعام].
ولكن للأسف فحين تأتي الإجابة بسبب دعائهم الخالص لربهم ومن ثم يوسوس لهم الشيطان أنَّ نجاتهم ليست بسبب دعاء الله؛ بل أسباب طبيعيّة كما أنها هدأت الرياح بالصدفة حسب ظنّهم فهدأت الأمواج! فيردونها لأسبابٍ طبيعيّة وليس إجابة دعائهم من ربّهم لهم! ومن ثم يعودون إلى بغيهم، وقال الله تعالى:
 {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحقّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (23)} 
 صدق الله العظيم [يونس].
وكذلك كفار اليوم يذيقهم الله بالعذاب الأدنى ومن ثم يكشف الله عنهم ما أصابهم ومن ثم يُرجعون
 ذلك إلى أسبابٍ طبيعيّةٍ ذلك لأنهم قوم لا يعقلون.
ويا أحبتي في الله 
 استغفروا الله ولا تستيئسوا من روح الله ولن يعذبكم أبداً. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
 صدق الله العظيم [الأنفال:33].
 فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين..
وأما برهان المؤمن الزائد على قوم يونس وليس من قومه بل هو رجل مغترب يسكن لديهم، 
 فأولاً: نجد تعداد قوم يونس في الكتاب هم مائة ألف بالضبط. 
تصديقاً لقول الله تعالى:  {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ} 
  صدق الله العظيم [الصافات:147].
ومن ثم نأتي لقول الله تعالى:
 
{أَوْ يَزِيدُونَ} صدق الله العظيم،
 فلا يوجد في الكتاب قول لله سبحانه بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً حتى يقصد بقوله {أَوْ يَزِيدُونَ} فلا يقصد أنّ قوم يونس قد يكونوا مائة ألف أو يزيدون على ذلك كلا وربي الله؛ بل يقصد رجل زائد في القوم وليس من قوم يونس الأصليين بل ذلك الزائد رجلٌ غريبٌ، ولكن كذلك رسالة الله ليونس تشمله ما دام في قومه ويسكن لديهم؛ بل ذلك الرجل الزائد على مائة ألف هو من كان السبب في نجاة قوم نبيّ الله يونس من العذاب صلّى الله عليه وعليهم جميعاً، 
وأُصلّي وأُسلِّم على جميع المسلمين وأنبياء الله وآلهم إلى يوم الدين.
 
وتالله إني أراك من الذين يبالغون في أنبياء الله ويزعمون أنهم معصومون من الخطأ وإنك لمن الخاطئين في هذه العقيدة،  
ولا أجد في الكتاب أنَّ المعصوم من الخطأ إلا الله وحده سبحانه عما يشركون وتعالى علوا كبيراً؛ 
بل عجباً قولك أخي الكريم بما يلي:
[[إن يونس عليه السلام ذهب مغاضبا من أجل ربّه، وهذا مما هو معروف في اللغة عند العرب، كأن تقول غضبت لك 
أي من أجلك. وغير هذا المعنى لا يصح في الآية.]]
انتهى
ومن ثمّ يردّ عليك الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:
 ولكنّ بيانك هذا يرفضه العقل والمنطق، فكيف يغضب يونس عليه الصلاة والسلام من أجل ربّه، ومن ثم يحكم الله عليه بالسجن المؤبد في بطن الحوت طيلة الحياة الدنيا بسبب أنّه غضب من أجل ربّه فيكون هذا جزاؤه من الله؟ سبحانه وتعالى علوَّاً كبيراً أن يظلم نبيّ الله يونس؛ بل الآية محكمة بيَّنه للعالم والجاهل شئت أم أبيت: 
 {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
  صدق الله العظيم [الأنبياء:87].
فلو كان مغاضباً من قومه من أجل الله فكيف يحكم الله عليه بالسجن المؤبد؟
 لولا تداركه الله برحمته بسبب تضرعه ودعائه، وقال الله تعالى: 
 {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} 
 صدق الله العظيم [الصافات].
ولكنكم تهربون من الحقيقة حتى تبقى عقيدتُكم متناهية في عصمة الأنبياء من الخطيئة! 

ولكني الإمام المهدي أشهد لله أنّ أنبياء الله ورسله ليسوا معصومين من ظلم الخطيئة، تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
  صدق الله العظيم [النمل:11].
كمثل نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام قتل نفساً بغير الحقّ ثم قال:
 {قَالَ رَبّ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ}
  صدق الله العظيم [القصص:16].
 ولكن بسبب مبالغتكم في أنبياء الله ورسله وأئمة آل البيت حتى أشركتم بالله لن تبصروا البيان الحق.ويا سبحان الله العظيم! فهل ترى الحكم في الكتاب من الله على نبيّ الله يونس كان هيناً أن يلبث في بطن الحوت حياً طيلة الحياة الدنيا، فهل ذلك الحكم كان بسبب أنه غضب من أجل ربه؟ إنَّ هذا لشيءٌ عُجاب! إذاً لن يغضب المؤمنون من أجل ربهم حتى لا يحكم الله عليهم كما حكم على نبيّ الله يونس، ما لكم كيف تحكمون؟ فهل ترون الحقّ باطلاً والباطلَ حقاً؟ وأعلم إنما ذلك حرصاً منك على برهان عصمة نبيّ الله يونس من الخطيئة، ولكنك تعدّيت في حدود الله ووصفت الله بالظالم كونك لو كنت من الصادقين في بيانك عن غضب نبيّ الله يونس أنّه غضب من أجل ربه؛ إذاً فقد أصبح الله ظالماً في حكمه على نبيّ الله يونس بالسجن المؤبد في بطن الحوت طيلة الحياة الدنيا، فكيف يحكم الله عليه بذلك وهو قد غضب من أجله؟ 
وهيهات هيهات. وقال الله تعالى:  {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}  
صدق الله العظيم [الكهف:49]. 
وما دامت عليك كبيرة أن يغضب نبيّ من ربّه بغير الحقّ وترى أنه لا ينبغي أن يحدث ذلك من نبيّ أن يغضب من ربّه بغير الحقّ وترى ذلك وزراً كبيراً لو حدث من نبيّ، ومن ثم نقول ولكنه حدث يا (طالب الحقّ)، ولذلك كان الحكم عليه من الله عظيم لولا تضرعه إلى ربّه بالدعاء والتسبيح. تصديقاً لقول الله:
 {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)}
 صدق الله العظيم.
وأما بالنسبة لوعد الثلاثة أيام فذلك من مواعيد العذاب المحكمة في الكتاب،
  فإذا أخبر به الله أنبياءه بموعده المعلوم فإنه لا يتجاوز عن (72) ساعة ونستنبطه من ميعاد قوم ثمود فقال لهم نبيّ الله صالح:
 {فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}
  صدق الله العظيم [هود:65].
وأما بالنسبة للزائد على المائة ألف فمن الذي أفتى قوم يونس أن لا يستيئِسوا من رحمة الله فوعظهم أن يؤمنوا بربهم ويتضرعوا إليه بالدعاء وعلَّمهم أنّ الله على كلّ شيءٍ قدير غير الزائد على المائة الألف كونه من المؤمنين؟
 تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} 
  صدق الله العظيم،
 ولا يهم كانت الزيادة واحداً أو أكثر من واحدٍ كما تزعم بل المهم إن الزيادة على المائة ألف كان وراءه سر إنقاذ قوم نبيّ الله يونس كونه من المؤمنين فهو من علَّمهم أن لا يستيئِسوا من رحمة الله وقام فيهم خطيباً فوعظهم وقال لهم قولاً بليغاً.
ويا رجل لو كانوا مجموعة قد صدّقوا واتبعوا نبيّ الله يونس إذاً لخرجوا مع نبيّ الله يونس كونه سوف يخبرهم أنَّ عذاب الله نازلٌ على قومه من بعد ثلاثة أيام، ولكنه رجلٌ واحدٌ يكتم إيمانه حتى عن نبيّ الله يونس، ولذلك لم يخبره نبيّ الله يونس كون الرجل اعتزل القوم ولزم بيته يعبد الله سراً ولم يكن يلازم نبيّ الله يونس حتى لا يكشف القوم إيمانه فيعذّبوه ليفتنوه حتى يعود في ملتهم وهو رجلٌ غريبٌ ليس له من يحميه؛ بل لا يعلم به حتى جبريل عليه الصلاة والسلام الذي تَنَزَّل بميعاد العذاب لينطق به لنبي الله يونس ليبلغ قومه أن الله معذبهم بعد ثلاثة أيام؛ بل خرج نبيّ الله يونس لوحده من قرى قومه ولم أجد أحداً كان برفقته من القوم، وخرج إلى مكان خلاء بعيد عن قرى قومه ثم عاد ليلاً لينظر ما فعل الله بهم من بعده فإذا هو يرى قراهم منيرةً بالضوء ولم يحدث لهم شيئاً في نظره، فهو لا يعلم ما حدث من بعده وأنهم قد شاهدوا عذاب الله نازلاً عليهم في السماء وأنهم قد آمنوا كلهم أجمعون فتضرّعوا إلى ربّهم مؤمنين ومستغفرين وتائبين ومنيبين، وسألوا الله بحقّ رحمته التي كتب على نفسه أن ينقذهم من عذابه وأن يرحمهم إنّه هو الغفور الرحيم فغفر الله لهم وأنقذهم.
 تصديقاً لقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}  
صدق الله العظيم [غافر:60].
ولذلك أجاب الله دعاء قوم يونس. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {لَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}
 صدق الله العظيم [يونس:98].
وأما القرى الأخرى الذين أهلكهم الله ولم ينفعهم إيمانهم، وذلك لأنهم آمنوا بالله وبالرسول ولكنه ينقصهم التضرع والدعاء

 فلم يدعوا ربهم أن يكشف العذاب عنهم برحمته بسبب أنهم استيأسوا من رحمة الله ويرون أنه لا مفر لهم من عذابه، 
 وقال الله تعالى: 
 {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (12) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ (13) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (14) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(15)فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ(15)} 
 صدق الله العظيم،
 فانظر لقول الله تعالى:  {فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ}
صدق الله العظيم [الأنبياء:15].
فماهي تلك الدّعوى؟
 إنها الاعتراف أنهم كانوا ظالمين، وقال الله تعالى:
 {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)} 
 صدق الله العظيم، 
فإن الله يقول لكم أنه لم ينفعهم إيمانهم بربّهم حين وقوع العذاب كونه لم يرافق الإيمان التضرع الدعاء بل فقط آمنوا 
واعترفوا أنهم كانوا ظالمين:
 {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)} 
 صدق الله العظيم، 
ولكن قوم يونس أفتاهم الرجل المؤمن أنه لا ينفع الإيمان والإقرار بالظلم ما لم يرافقه التضرع والدعاء إلى الربّ ليكشف عنهم العذاب، ففعلوا ما وعظهم به. وفي ذلك سرّ إنقاذهم كما يوجد سر إنقاذ أمّة الإمام المهدي كما علمكم أنكم حين ترون عذاب الله أن لا تستيئِسوا من رحمة الله، وأنه لا ينفع الإيمان والإقرار بالظلم ما لم يرافقه الدعاء والتضرع إلى الربّ وهذا ما سوف يحدث بالضبط.
 تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ(16)}
  صدق الله العظيم [الدخان].
وصدق عليه الصلاة والسلام إذ قال لي في الرؤيا الحق: 
 [فإن مثلك كمثل الرجل المؤمن الذي أنقذ الله بعلمه قوم يونس]، 
 اِنتهى..
ولكننا لا نريد أن نحاجُّكم بالرؤيا بل بآيات الكتاب إذ لا يوجد في الكتاب أمم أنقذهم الله حين وقوع العذاب إلا قوم نبيّ الله يونس

 وأمّة المهدي المنتظر، تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {لوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} 
 صدق الله العظيم [يونس:98].
وكذلك أمّة المهديّ المنتظَر المقيم فيها. تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (14) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ(15)} 
 صدق الله العظيم.
ويا رجل، 
وتالله لن تبصر الحقّ من ربك ما لم تكن حقاً طالب حقٍّ وتبحث عن الحقّ ولا تريد غير الحقّ سبيلاً فحقَّ على الله الحقّ
 أن يهديك إلى الحق. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}
 صدق الله العظيم [العنكبوت:69].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين..
خليفة الله وعبده؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني
 
๑•ิ.•ั๑๑•ิ.•ั๑ ๑•ิ.•ั๑ ๑•ิ.•ั๑