الأحد، 27 ديسمبر 2015

البيان الحق : {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} وهي أسباب السفر بحراً وبراً رحلة أرضية وليست فضائية

   البيان الحق  : {فَأَتْبَعَ سَبَبًا}
وهي أسباب السفر بحراً وبراً رحلة أرضية وليست فضائية
بسم الله الرحمن الرحيم
 وسلامُ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين..
أخي الكريم عجيبٌ أمر الذين يريدون أن يجعلوا رحلة ذي القرنين فضائية فهل عندهم سُلطان بهذا
 
 { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } صدق الله العظيم [البقرة:١١١]
وأما ما أوردته في قول الله تعالى:
المورد الأول: 
 { يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ﴿٣٦﴾ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ } 
صدق الله العظيم [غافر]
المورد الثاني: 
 {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ } 
 صدق الله العظيم [الحج:١٥]
المورد الثالث:  
{ أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ } 
 صدق الله العظيم [ص:١٠]
فإليك البيان الحق للأسباب إنه يُطلق على كُل سبب سواء أسباب السفر براً أو بحراً أو العروج بالفضاء أوالأسباب
 التي يستخدموها في القتل والقتال
 كمثال قول الله تعالى:
 {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ} 
صدق الله العظيم
وذلك تحدي من الله للذين يظنون أن لن ينصر الله نبيه ولن يحميه كمثل غوث ابن الحارث حين سمعوا قول الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }
  صدق الله العظيم [المائدة:٦٧]
وقال غوث ابن الحارث: لو شاء لسلَّ سيفه ثم يقطع به عنق محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولن ينصره الله ولن يمنعهم من قتله، 
ثم رد الله عليهم بالتحدي بالحق بقوله تعالى:
 { مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ }
  صدق الله العظيم [الحج:١٥]،
 أي؛ من كان يظن أن لن يحمي الله رسوله كما وعده بالحق:
 { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } 
صدق الله العظيم
فمن لم يصدق هذا الوعد من الله لنُصرة نبيه فيعصمه من أعدائِه فليمدد بسببٍ إلى السماء أي فليسل سيفه فيمدد به إلى السماء ثم ليقطع به عنق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن استطاع فلينظر هل يستطيع أن يذهب كيدَه ما يغيظ بقتل محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم؟ ولن يذهب كيده ما يغيظ لأن الله سوف يحمي نبيه من الناس كما وعده الله بذلك، ومن ثمِ حاول غوث أن يُنفذ كلمته فيسل سيفه فيقطع به عنق مُحمد صلى الله عليه وآله وسلم ويظن أن لن يحميه الله منه شيئاً..
وكان النبي صلي الله عليه و آله قد جلس في بعض غزواته في ظل شجرة وحده بعيداً عن أصحابه، فجاءه غوث بن الحارث و وقف على رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم مصلتاً سيفه رافعاً يده على النبي صلي الله عليه وآله وصاح به:
من يمنعك مني يا محمد؟ فقال النبي صلي الله عليه و آله: الله سيمنعني منك ياغوث ابن الحارث فسقط السيف من يده، فبادر النبي صلي الله عليه و آله إلى السيف وأخذه ورفعه على غوث قائلاً له: يا غوث من يمنعك مني الآن؟ فقال: عفوك، وكن خير آخذ، فتركه النبي صلي الله عليه و آله وعفا عنه وقال فاذهب حتى لا يعلم بمحاولتك قتلي أصحابي فيقتلوك فجاء إلى قومه وقال لهم: « والله جئتكم من عند خير الناس »
فهل تبين لك أن السبب في هذا الموضع هو السيف تصديقاً لقول الله تعالى:
{ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } 
 صدق الله العظيم [الحج:١٥]
وأصدقتك بالحق من كتاب الله وسنة رسوله ولو تبحث عن بيان هذه الآية لدى من تعتبرهم مُفسرين لوجدته تفسيراً غير منطقي ولا ولن يقبله عقلك، أما بيان الإمام المهدي فتخضع له العقول بالحق ولا تجد غير أن تُصدق بالحق لمن كان يعقل ويتدبر ويتفكر، أما الذي لا يتفكر فمثله كمثل الأنعام لا تفكر شيئاً فانظر لتفسيرهم لهذه الآية وقالوا: 
 [ أنه دعوة للكفار لربط حبال في سقفّ بيوتات الكفار ثم ليعلقوا رقابهم ويشدوها بتلك الحبال المربوطة بالسقف 
حتى يهلكوا لينظروا هل يذهب كيدهم وما يغيظون ]
 . فهذا تفسير طائفة من أهل السنة.
وأما طائفة أخرى وهم من الشيعة فقالوا:
 [ بل تفسيرها الحق (لكن انظروا بربكم لمعرفة الذكر وتيقن وجه تحققه وعلى من يكون ، من تفسير الحق في هذه الدعوة المباركة وأصولها المهدية إنه في هؤلاء يا من عمي عن آيات الكتاب ووعد الحق فيه: ﴿ أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ . جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأَحْزَابِ ﴾.﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ . وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾صدق الله العظيم ]
ويا سُبحان الله! وما علاقة فليمدد بسببٍ إلى السماء وبين قوله تعالى: 
 { أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ } 
 صدق الله العظيم [ص:١٠]؟ 
 فهل هذا هو بيان القرآن بالقرآن يامعشر المُسلمين فجعلوا تفسير قول الله تعالى:
 { مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } 
 صدق الله العظيم [الحج:١٥]،
 وقالوا تأويلها هو ما جاء في قوله تعالى: 
 { أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ } 
صدق الله العظيم [ص:١٠]؟؟
فهذه لها بيان آخر وهو تحدي الله لكافة الجن والإنس أن يخترقوا السماء الدُنيا،
 تصديقاً لقول الله تعالى: 
 { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴿٣٣﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٣٤﴾ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ ﴿٣٥﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٣٦﴾ } 
 صدق الله العظيم [الرحمن]
ومن بعد هذا التحدي الذي نزل في القرآن العظيم حاول الجن الوصول إلى السماء الدُنيا لاستراق السمع من الملإ الأعلى الملائكي فوجدوا بيان القرآن على الواقع الحقيقي، ولذلك آمنوا به وجاؤوا واستمعوا إليه في نافلة الليل فولوا إلى قومهم منذرين واكتشفوا كذب الشيطان الرجيم وقبيله في الأرض المفروشة وقال الله تعالى:
 { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً (13) }
  صدق الله العظيم [الجن]
ويا إخواني الباحثين عن الحق، 
 أقسمُ بالحق الذي لا يُعبدُ سواه ولا إله غيره أنكم لن تفقهوا الحق حتى تستخدموا عقولكم ثم لا تتبعوا ما تنافى مع العقل والمنطق البشري فقد اتبعتم قوماً ضلوا وأضلوا نظراً لأنهم يقولون على الله ما لا يعلمون واتبعوا خطوات الشيطان وهم لا يعلمون ذلك لأنه يأمركم أن تقولوا على الله ما لا تعلمون ولكن الرحمن نهاكم أن تقولوا على الله مالا تعلمون وعلمكم الله إن ذلك من أمر الشيطان أن تقولوا على الله ما لا تعلمون، تصديقاً لقول الله تعالى:
 { وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾ } 
صدق الله العظيم [البقرة]،
 وخالفوا أمر الرحمن: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } 
إلى قوله:
 { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } 
 صدق الله العظيم [الأعراف:33].
فما خطبُكم يا معشر المُسلمين مُتمسكون بتفاسير الذين اتبعوا خطوات الشيطان وقالوا على الله بالبيان للقرآن ما لا يعلمون فضلوا وأضلوا وإني بريء ممن يقولون على الله ما لا يعلمون، وتالله لو تجعلوا مُناظرة بين بياني الحق للقرآن العظيم وبيان كثيرٍ من أصحاب التفاسير لوجدتم أن الفرق بين بياني بالحق وبيانهم بالباطل كمثل الفرق بين النور والظُلمات لو كنتم تعقلون، ويا قوم عليكم باستخدام عقولكم وليس التمسك بما وجدتم عليه أسلافكم لعلهم كانوا ضالين عن الحق وهم لا يعلمون فقد أضلتكم التفاسير بغير الحق كثيراً عن الصراط المُستقيم فاتبعوني أهدِكم بالحق صراطاً سوياً.
 وأما سؤالك عن السبب المذكور في قصة ذي القرنين 
فنحن مُجبرون أن نُفصل لك تفصيلاً بسبب سؤالك عن البيان لقوله تعالى: { فَأَتْبَعَ سَبَبًا } صدق الله العظيم
وقال الله تعالى:
 { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴿83﴾ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴿84﴾ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴿85﴾ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ﴿86﴾ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ﴿87﴾ وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴿88﴾ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ﴿89﴾ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ﴿90﴾ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ﴿91﴾ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ﴿92﴾ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ﴿93 ﴾ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴿94﴾ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴿95﴾ آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴿96﴾ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴿97﴾ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴿98﴾ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴿99﴾ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴿100﴾ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴿101﴾ } 
 صدق الله العظيم [الكهف]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الكريم،
 إن ذا القرنين أحد أنبياء الله جعله الله خليفته في الأرض فمكن لهُ مُلكه وآتاه من كُل شىء سبباً ومنها أسباب المواصلات فأعدَّ لجيشه جميع أسباب السفر براً وبحراً. وبما أن ذا القرنين يعلم أن الله جعله خليفته في الأرض ويعلمُ أنه مسؤول عن إنهاء الفساد فيها وإعلاء كلمة الله في جميع أنحاء الكرة الأرضية فقرر رحلته الكُبرى حول الأرض نحو الأقطاب والبيان الحق لقوله تعالى:
 { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا }،
 وهنا أسباب السفر براً وبحراً وأسلحة القتال فأخذ معه جيشه الجرار وجهّزه بجميع أسباب السفر في البر وفي البحر 
وجعل أسباب السفر براً تحملها أسباب السفر بحراً، تصديقاً لقول الله تعالى:
  { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا }،
 بمعنى: أنه أخذ معه جميع أسباب السفر بحراً وبراً وجيشه الجرار وابتدأ رحلته البحرية مُهتدياً في رحلته القطبية
 نحو الشمال الأرض بالنجم القُطبي؛ المسمار، تصديقاً لقول الله تعالى: 
 { وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ }  صدق الله العظيم [النحل:١٦]، 
 وتصديقاً لقول الله تعالى: 
 { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
  صدق الله العظيم [الأنعام:٩٧]
وأخذ معه في رحلته هو وجيشه الجرار كُل شيء من أسباب السفر بحراً وبراً وكُل ما يحتاجونه في رحلتهم. ولذلك قال الله تعالى:
 { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴿٨٤﴾ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴿٨٥﴾ }، 
 فركبوا الفلك سبب الإبحار بالسفر بحراً مُبتدِئاً برحلته البحرية نحو القطب الشمالى معتمداً على النجم القطبي المسمار. وكانت رحلته بعد مرور كوكب النار بزمن والذي تسبب في ذوبان البحر المُتجمد شمالاً حتى انتهى برحلته البحرية في أبعد نقطة للغروب الشمسي عن القطب الجنوبي وذلك لأن الشمس حين تغرب عن القطب الجنوبي فإنها تغرب عنه في القطب الشمالي في العين الحمئة عند البوابة الشمالية بالقطب الشمالي منتهى الغروب للشمس شمالاً بأطراف الأرض شمالاً فوجدها تغرب في عين حمئة في البوابة الشمالية ووجد عندها المُفسدين في الأرض وهم يأجوج ومأجوج، 
 ولذلك قال الله تعالى عنهم: 
 { وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا }
وبما إن رحلة ذي القرنين كانت رحلة دعوية وجهادية في سبيل الله ويدعو إلى الإسلام ولم تكن رحلة
فُسحة ولذلك كان رده بالحق وقال:
 {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ﴿٨٧﴾وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴿٨٨﴾} 
 صدق الله العظيم [الكهف].
ولكن يأجوج ومأجوج الشياطين تظاهروا له بالإسلام والصلاح كعادة شياطين البشر كذباً ونفاقاً وترك سبيلهم
ولم يدخل من البوابة الشمالية بعد أن أعلنوا إسلامهم وصلاحهم ثم لم يدخل أرضهم ثم أتبع سبباً فواصل رحلته على السطح حتى بلغ مطلع الشمس بالبوابة الجنوبية المشرق الأقصى: 
 { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا }، 
 وأولئك قوم في البوابة الجنوبية وإذا غربت الشمس عنهم أشرقت عليهم من البوابة الشمالية بمعنى أنها لا تغيب عنهم الشمس فإذا غربت عنهم أشرقت عليهم من البوابة المُقابلة كما رأيتم ذلك في الصورة تصديقاً لقول الله تعالى:
 { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا }

فوجد عندها قوماً وأخبروه أنهم هربوا إلى البوابة الجنوبية بسبب فساد يأجوج ومأجوج في قلب الأرض ذات المشرقين وأخذهم معه وحاول أن يفهم لُغتهم ويفهمون لغته أثناء الطريق ولذلك كانوا هم المُترجمون لقومهم ما يقوله ذو القرنين، فأتبع سبباً آخذ بأسباب السفر براً وذلك لأنه حمل خيوله بالفلك معه ليتخذها أسباب السفر براً وأخذهم معه حتى إذا وصلوا بين السدين بالمنتصف للأرض ذات المشرقين عند قومهم فأخبروا قومهم أن هذا ذو القرنين من الصالحين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المُنكر ولذلك قالوا قومهم: 
 { قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا }، 
مُقابل أن يعطوه خراجاً ولكن ذا القرنين أخبرهم أنه لم يبحث عن المال والملك ولذلك:
 { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا }،
 ولم يتأكد ذو القرنين من قولهم فيطلع على يأجوج ومأجوج لأنه قد وجدهم في رحلته الأولى عند البوابة الشمالية وعلم ذو القرنين أن الأرض مفتوحة من الأطراف ولذلك قرر أن يجعل بينهم وبين هؤلاء القوم ردماً عظيماً وأعانوه بقوة وبنوا هم وذو القرنين ومن معه السد العظيم ذا إرتفاع شاهق ولكن السد من جهته الشمالية لم يبنيه بزاوية مُستقيمة بل مُنفرجة قليلاً وذلك حتى يذيبوا المادة المعدنية فيدربوها من أعلاه أي فيسقطوها فيتدحرج المُعدن المُذاب إلى أسفل السد فيتشكل كالمرآة على الجانب للسد من جهة الشمال فجعل على جانب السد من الجهة الشمالية المادة المعدنية المُذابة حتى تمنع يأجوج ومأجوج من خرقه وكذلك جعلته المادة المعدنية أملس من جهة الشمال حتى لا يستطيعوا أن يظهروه إلى أعلاه ليهبطوا عليهم وكذلك لم يستطيعوا له نقباً برغم مُحاولات يأجوج ومأجوج للظهور إلى أعلى السد فلم يستطيعوا وكذلك حاول يأجوج وماجوج أن يخرقوه فلم يستطيعوا له نقباً
 تصديقاً لقول الله تعالى: { فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } 
 صدق الله العظيم.
 ثم علمهم ذو القرنين أن ميقات نهاية هذا السد سينتهي بمرور كوكب النار المرة
 الآتية وقد جاء موعدها تصديق الوعد الحق وقال: 
 { قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴿٩٨﴾ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴿٩٩﴾ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴿١٠٠﴾ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴿١٠١﴾ } 
 صدق الله العظيم [الكهف]
وها هي قد أوشكت كوكب النار سقر أن تظهر للبشر لأنها لواحة للبشر فتُعرض عليهم من حين إلى آخر بعد أمدٍ بعيد وسوف تذوب الأقطاب بسبب مرور كوكب النار فهي التي ستساعد على إطفاء الارض المُحترقة بسبب مرور كوكب النار ويوم مرور كوكب النار سيبدأ الرحلة إليكم المسيح الدجال مع قومه يأجوج ومأجوج وقوم آخرون بالجهة المُقابلة أجبرهم للخروج معه إلى البشر للفتنة للأحياء والأموات،
 تصديقاً لقول الله تعالى:  { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ }،
 ومن ثم يأتي البعث الاول تصديقاً لقول الله تعالى:
 { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴿٩٩﴾ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴿١٠٠﴾ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴿١٠١﴾ } 
صدق الله العظيم [الكهف]
وذلك البعث الأول مربوط سره بهدم سد ذي القرنين وخروج يأجوج ومأجوج فيبعث الله إليكم كافة الكُفار الذي كذّبوا برسُل ربهم 
ولكن رجوعهم مربوط بهدم سد ذي القرنين وخروج ياجوج وماجوج. تصديقاً لقول الله تعالى:
 { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } 
صدق الله العظيم [الأنبياء:٩٦]
والبيان الحق لقوله تعالى:
{ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } 
صدق الله العظيم،
 أي من كل جنس من الجن والإنس ولا قانون زواج لديهم أبداً فالمرأة زوجة للجميع، المهم حتى لا نخرج عن الموضوع ونعود للبعث الأول المربوط بخروج يأجوج ومأجوج وخروج يأجوج ومأجوج مربوط بمرور كوكب النار وعد الله الحق ، فيجعله دكاً وكان وعد ربي حقاً وسوف يستغل إبليس المسيح الكذاب ولم يكن المسيح عيسى ابن مريم بل هو كذاب وما كان لابن مريم أن يقول ما ليس له بحق بل مُفترٍ مُنتحلاً شخصية المسيح عيسى ابن مريم صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك يُسمى المسيح المفتري بالمسيح الكذاب وهو ذاته إبليس الشيطان الرجيم الذي قال:  {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿٣٦﴾} 
  [الحجر]،
 ذلك يوم البعث الاول ويريد أن يستغله و يأتي ليقول لكم هذا هو البعث الموعود وأنا الله ربكم الأعلى فأما النار فقد رأيتموها مرت أمام وجوهكم وأما جنتُكم الموعودة فقد جعلتها باطن أرضكم وفيها الحور العين ، بل هن شيطانيات خبيثات للخبيثين منكم من نسل اليهود الذين غيَّروا خلق الله وعبدوا الطاغوت، وكذب عدو الله فأما النار فهي النار حقاً نار الله الموقدة وهي لواحة للبشر من عصر إلى آخر
 وأما الجنة فهي جنة لله من تحت الثرى في الأرض التي وضعها الله للراحة للأنام واستخلف فيها أبويكم من قبل. تصديقاً لقول الله تعالى:
 { وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴿١٠﴾ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ﴿١١﴾ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴿١٢﴾ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿١٣﴾ } 
صدق الله العظيم [الرحمن]
وتلك جنة لله في الأرض ذات المشرقين وذات المغربين وربها الله وليس إبليس الشيطان الرجيم بل ربها الله الحق. تصديقاً لقول الله تعالى: 
 { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } 
 صدق الله العظيم [الرحمن:١٧]، 
 وتلك جنة الله في الأرض من تحت الثرى في باطن أرضكم وهي لله وليست لعدوه اللدود المسيح الكذاب. تصديقاً لقول الله تعالى: 
 { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ } 
 صدق الله العظيم [طه:٦]
ويا قوم إنما أحاجكم بآيات يعلم الله أنها الحق تجدونها على الواقع الحقيقي لو كنتم تعلمون وإنما يُحاج في آيات الله الذين لا يعلمون فهم جاهلون أفلا تتفكرون؟! لماذا سوف يأتي المسيح الدجال يدعي الربوبية وأنه صاحب الجنة والنار ويستغل ميقات البعث الأول ويقول أنه الذي بعثهم؟ بل هو كذاب بل بعثهم الله بقدر مقدور في الكتاب المسطور ليهديهم الله بعبده مهدي الأمم المهدي المُنتظر الذي تجهلون قدره ولا تحيطون بسره فيجعل الناس بإذن الله أمة واحدة تصديقاً لقول الله تعالى: 
 { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ } 
صدق الله العظيم [هود]، 
 ولكن أكثركم يجهلون، وتصديقاً لقول الله تعالى:
 { أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا } 
 صدق الله العظيم [الرعد:٣١]
وسوف يهديهم الله بعبده إلاّ الشياطين من الجن والإنس من كُل جنس، 
تصديقاً لوعد الله بالحق:
 { إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿٢٦﴾ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٢٧﴾ } 
صدق الله العظيم [البقرة]
بمعنى: أن الله سيهدي بالمهدي الناس أجمعين ما دون الفاسقين، ومن هم الفاسقون؟ وأنتم تعرفون من هم الفاسقون، أولئك شياطين البشر من اليهود من الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض وأؤلئك هم الخاسرون كأمثال علم الجهاد علم الشيطان الرجيم، إن يروا سبيل الحق لا يتخذونه سبيلاً وإن يروا سبيل الغي والباطل يتخذونه سبيلاً أولئك لن يزيدهم الإمام المهدي إلا رجساً إلى رجسهم لأنهم حين يرونه يظهر تسوء وجوهم ويعلمون أنه الإمام المهدي المنتظر الحق ولكنهم للحق كارهون وأولئك هم الفاسقون من شياطين البشر المُنافقين في كُل زمان، تصديقاً لقول الله تعالى:
 { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } 
 [المائدة:٢٦]،
وتصديقاً لقول الله تعالى:
 { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } 
 [التوبة:٨٠]،
وتصديقاً لقول الله تعالى:
 { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَىٰ عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }
  [التوبة:٩٦]،
وتصديقاً لقول الله تعالى:
 { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } 
 [الصف:٥]،
وتصديقاً لقول الله تعالى:
 { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } 
صدق الله العظيم. [المنافقون:٦]
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
أخو المُسلمين الإمام المهدي ناصر محمد اليماني

الاثنين، 21 ديسمبر 2015

قصة نبيّ الله يونس عليه الصلاة السلام

๑•ิ.•ั๑๑•ิ.•ั๑ ๑•ิ.•ั๑ ๑•ิ.•ั๑
[۩ البيان الحق لقصص الأنبياء ۩] 
قصة نبيّ الله يونس عليه الصلاة السلام
قال الله تعالى:
{ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَاوَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴿٩٨﴾}
 
 صدق الله العظيم [يونس]
فلماذا استثنى الله قوم يونس وأنهم الوحيدون الذين آمنوا ونفعهم إيمانهم في يوم العذاب الأليم بعد أن شاهدوا عذاب الله 
كما وعدهم نبيّ الله يونس؟
 فلماذا نفعهم إيمانهم وتغيُّرت سُنّة الله في الكتاب في الذين كفروا؟
والجواب من مُحكم الكتاب:
{ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴿١٤٧﴾ } 
 صدق الله العظيم [الصافات]
فأما المِائة ألف: فهم تعداد قوم يونس، 
وأما الزيادة:فهو رجلٌ واحدٌ غريبٌ آمن بدعوة نبيّ الله يونس وكتم إيمانه والتزم بيته خشية أن يفتنه قوم يونس وهو رجل غريب عن قوم يونس فالتزم داره ولم يخبر أحداً بإيمانه، حتى نبيّ الله يونس خشي أن يفتنه قومه ولذلك حين جاء الأمر ليونس بالخروج من قريته عن طريق جبريل وأُخبر نبيّ الله يونس بالعذاب بأنه سوف يصيب قومه بعد ثلاثة أيامٍ، ثُمّ أخبرهم يونس وخرج من قريتهم بعيداً ولم يخبر المؤمن لأنه لا يعلم أصلاً بإيمانه لاهوولاجبريل عليه الصلاة والسلام، 
وبعد انقضاء الثلاثة أيام فإذا بعذاب الله نازل عليهم من السماء كما أخبرهم نبيّ الله يونس فصرخوا من الفزع فسمع الرجل المؤمن صراخهم فخرج من داره ليتبيّن ما خطبهم فإذا هم يصرخون بسبب نزول عذاب الله عليهم كما أخبرهم يونس 
ومن ثُمّ قام الرجل المؤمن خطيباً فيهم وقال: 
[ أيها النّاس لو ينفع الإيمان بالرحمن حين وقوع العذاب لنفع الذين من قبلكم فقد خنتم عهد الله من بعد إيمانكم بالأزل القديم ولم يبقَ لكم إلا عهد الله لكم الذي كتبه على نفسه فاسألوا الله بحقّ رحمته التي كتب على نفسه أن يكشف عذابه عنكم برحمته وقولوا:
[ربنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ].
فجأر بهذا الدُّعاء ذلك الرجل المؤمن والقوم من خلفه يقولون: [آمين اللهم آمين]
 وكانوا يجأرون وهم يبكون وآمنوا كلهم أجمعون، تصديقاً لقول الله تعالى: 
 { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴿١٤٧﴾ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴿١٤٨﴾ } 
 صدق الله العظيم [الصافات]
وأما نبيّ الله يونس فذهب عنهم بعيداً كما أمره الله سبحانه ولم يعد إلّا بعد انقضاء ثلاثة أيامٍ لينظر ما حلّ بقومه، وجاء بعد غروب شمس اليوم الثالث واقترب من قُرى قومه ليلاً فإذا هم مُسرجين دورهم ولم يحدث لهم شيء كما ظنّ يونس فهو لا يعلم أنّ العذاب قد أتى وأنّ الذي أنقذ قومه من بعده الرجل المؤمن وهو أعلم من نبيّ الله يونس عليه الصلاة والسلام، ولكن نبيّ الله يونس غضب من ربّه لِمَ لمْ يرسل عذابه على قومه المُكذّبين بدعوته؟! 
ولم يجرؤ أن يظهر على أحد منهم فذهب مُغاضباً من ربّهم لدرجة أنه ظنّ أن لن يقدر الله عليه كما 
لم يقدر على تعذيب قومه. وقال الله تعالى:
{ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧﴾ }
  صدق الله العظيم [الأنبياء]
وذلك يونس ورمز الله له باسمه من أحد حروف اسمه الأول النون، ويقصد الله بقوله {وَذَا النُّونِ} أي يونس ولكنه لم ينطق بالحرف بل رمز له بلفظه (نون). وأما قوله: {وَذَا النُّونِ} أي ذي الحرف نون في اسمه (يونس)، وذلك لكي يكون سُلطاناً لصاحب عِلم الكتاب في بيان الأحرف بأوائل السور لكي تعلموا أنها رموزٌ لأسماء خُلفاء الله في الكتاب، ولا نخرج عن الموضوع 
 قال الله تعالى:
{ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧﴾ }
 
صدق الله العظيم
ويقصد يونس الذي ذهب مُغاضباً من ربّه لماذا لم يصُبَّ على قومه عذابه؟ فكيف يواجههم وقد أخبرهم أنّ العذاب سوف يُصيبهم بعد ثلاثة أيام؟ ولذلك ذهب مُغاضباً من ربّه حتى إذا وصل ساحل البحر فركب في الفلك المشحون بالركّاب حتى إذا وصلوا وسط البحر علموا أنّهم سوف يغرقون فلا بدّ من تخفيف حمولة الرُكّاب و بدل أن يغرقوا جميعاً قرروا أن يسهموا ومن طار سهمه فسوف يقذفوه في البحر لكي تخفّ حمولة المركب، فاختار الله سهم نبيه يونس ليذوق جزاءه. وقال الله تعالى: 
 { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٩﴾ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١٤٠﴾ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴿١٤١﴾ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴿١٤٢﴾ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣﴾ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤٤﴾ } 
صدق الله العظيم [الصافات]
وكان حكم الله على نبيه يونس أن يتعمّر إلى يوم البعث، وكذلك يُعمّر الحوت إلى يوم البعث وهو في بطنه مُعذبٌ بدون طعامٍ ولا شرابٍ إلى يوم البعث، ولكن نبيّ الله يونس ناجى ربّه برحمته التي كتب على نفسه وقال:
 { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧﴾ }
  صدق الله العظيم [الأنبياء]
ودعا ربّه في ظُلمات البحر و ظلمات بطن الحوت وظلمات الليل وكان يناجي ربّه ويقول:

[ سُبحانك ربي لا إله إلّا أنت ظلمت نفسي فإن لم تغفر لي وترحمني لأكونن من الخاسرين ]
حتى تداركه الله برحمته وكذلك يجزي الله من يُسبّح ربّه فيُحاجّه برحمته، ولولا ذلك التسبيح والإقرار أن ليس له غير رحمة ربّه للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، ولكنه بالدعاء استطاع أن يُغيّر ما في الكتاب فأنقذه الله، و يمحو الله ما يشاء ويُثبت وعنده أمّ الكتاب. 

وقال الله تعالى:{ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣﴾ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤٤﴾ } 
صدق الله العظيم [الصافات]
ولن أجد في الكتاب أن الله كشف العذاب إلا عن أُمَّتين اثنتين، فأمّا أمةٌ فكان تعدادهم مائة ألف ورجل غريب الوطن، أي: أن تعدادهم مائة ألف ويزيدون واحداً كان يسكن معهم وليس من قوم يونس، وهو الوحيد الذي آمن بنبيّ الله يونس ولكنه كتم إيمانه لأنه ليس له قبيلةٌ تحميه من أذاهم وشرهم والتزم داره ولم يخبر بإيمانه أحداً حتى نبيّ الله يونس، وعندما أمر الله يونس بالارتحال لم يخبر هذا الرجل الصالح ليصطحبه معه لأنه لا يعلمُ بإيمانه، ولذلك مكث الرجل بين قوم يونس وحين انقضت الثلاثة أيامٍ كما وعدهم نبيّ الله يونس بإذن ربّه فإذا بالعذاب قد جاءهم من فوقهم فسمع الرجل الصالح صريخ النّاس من الفزع، وإذا هم يقولون:
 نشهدُ أن لا إله إلا الله ونشهدُ أن يونس رسول الله، ومن ثم خرج الرجل فأبصر كسفاً من السماء ساقطاً عليهم، وعلموا أنه ليس سحاب مركوم بل هو العذاب الأليم الذي أخبرهم عنه نبيّ الله يونس أنه سوف يأتيهم بعد ثلاثة أيام.
ومن ثم قام في قوم يونس خطيباً فوعظهم وقال:
" أيّها النّاس لو ينفع الإيمان لقومٍ كفروا برسل الله ومن ثم يؤمنوا حين نزول العذاب إذاً لما أهلك الله أحداً ولكشف الله عنهم العذاب فيكلّ مرّة ولكنه لا ينفعهم الاعتراف بظُلمهم حين نزول العذاب وتلك سُنة الله في الكتاب على الذين كفروا بالحقّ من ربّهم ولن تجد لسُنة الله تبديلاً، غير أني أعلمُ لكم بُحجة على ربّكم". 
ومن ثم قاطعه القوم وقالوا: "وماهي؟"، فقال:
"وكتب ربّكم على نفسه الرحمة فاسألوه بحقّ رحمته التي كتب على نفسه ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين".
ومن ثم صلّى بهم الرجل ركعتين لكشف العذاب وناجى ربّه وقال:

"ربنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم إننا نجأر إليك مُتوسلين برحمتك التي كتبت على نفسك وأمرتنا أن ندعوك فوعدتنا بالإجابة فاكشف عنا عذابك إنك على كلّ شيء قدير، ووعدك الحقّ وأنت أرحم الراحمين".

وكانوا يجأرون معه بالدُّعاء سائلين الله رحمته، وصدّقوا الرجل أنه لا نجاة من عذاب الله إلا الفرار إلى ربّهم وعلموا أنه لا ينفع الإيمان بالحقّ وقتها والاعتراف أنهم كانوا ظالمين فلا ينفعهم حين نزول العذاب كما لم ينفع الذين من قبلهم ولذلك جأروا إلى الله سائلين رحمته التي كتب على نفسه، ومن ثم نفعهم الإيمان برحمة الله ولم يستيئسوا من رحمة ربّهم.

ولذلك نفعهم إيمانهم واستطاعوا تغيير سُنَّةً من سُنن الكتاب في وقوع العذاب، فهم الوحيدون الذين نفعهم إيمانهم من بين الأمم الأولى والسر في ذلك هو سؤال الله بحقّ رحمته التي كتب على نفسه ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين.

وقال الله تعالى:
{فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْ‌يَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴿٩٨﴾}
صدق الله العظيم [يونس]
وذلك هو سبب النّجاة من العذاب لقوم نبيّ الله يونس بسبب الدُّعاء الذي علمهم إياه الرجل الصالح، 
وأما قُرى الأمم الأخرى الذين أهلكهم الله:
 فلن ينفعهم الإيمان بالحقّ من ربّهم حين نزول العذاب والاعتراف أنهم كانوا ظالمين، وما زالت تلك دعوتهم ولا غير في كلّ زمان إلا قوم يونس. وقال الله تعالى:
{كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِ‌كَ حَرَ‌جٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ‌ بِهِ وَذِكْرَ‌ىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾ اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن ربّكم وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قليلاً مَّا تَذَكَّرُ‌ونَ ﴿٣﴾ وَكَم مِّن قَرْ‌يَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هم قَائِلُونَ ﴿٤﴾ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٥﴾ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْ‌سِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْ‌سَلِينَ ﴿٦﴾ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴿٧﴾}
صدق الله العظيم [الأعراف]
وما زالت تلك دعواهم وهي:
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾}
[الأنبياء]
وقال الله تعالى:

{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}
صدق الله العظيم [الأعراف:5]
ومازالت تلك دعواهم فلم ينفعهم من عذاب الله. تصديقاً لقول الله تعالى:

{وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْ‌يَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِ‌ينَ ﴿١١﴾ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هم مِّنْهَا يَرْ‌كُضُونَ ﴿١٢﴾ لَا تَرْ‌كُضُوا وَارْ‌جِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِ‌فْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾}

صدق الله العظيم [الأنبياء]
فانظروا لقول الله تعالى:
 {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ}
  صدق الله العظيم، 
وذلك لأنه ليست الحجة لهم على الله الاعتراف بظلمهم فيرحمهم حين نزول العذاب سنة الله في الكتاب ذلك لأن الله
 قد أقام عليهم الحُجّة ببعث الرسل تصديقاً لقول الله تعالى:
{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حجّة بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}
صدق الله العظيم [النساء:165]
ويا طالب الحقّ، 
إن كنت تريد الحقّ فأقول لك كما قال نبيّ الله موسى وجميع المرسلين من ربهم صلّى الله عليهم وسلّم تسليماً
 {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الحقّ} 
[الأعراف:105].،
 ويا رجل ليس ناصر محمد من أفتى بغضب نبيّ الله يونس من ربّه؛ بل الله من أفتى بذلك في قول الله تعالى:
 {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
 صدق الله العظيم [الأنبياء:87].
فانظر لفتوى الله تعالى:
{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}
بمعنى:أنّه ظنّ أنّ الله لن يجازيه عن التولّي عن استمرار الدعوة لكونه يرى أنّ الله لن يعذب قومه برغم كفرهم فقال: 
"وأنا لن يفعل الله بي شيئاً".
 وليس ذلك من باب التحدي منه وإنما بالمقارنة بينه وبين قومه الذين لم يعذبهم الله فهو لا يعلم إنما صرف الله عنهم العذاب بسبب دعاء العبد الصالح الذي علَّم قوم يونس أن لا يستيئِسوا من رحمة الله فجأروا إلى الله معه بالدعاء فاستجاب لهم إنه هو السميع العليم 
ويا رجل،
 أفلا تتفكر في الحكم الذي كان قد حكم الله به على نبيّه يونس عليه الصلاة والسلام في الكتاب في علم الغيب! 
أفلا ترى أنه كان حكماً عظيماً كون الله حكم على نبيّه يونس بسبب غضبه من ربّه بغير الحقّ وترك الدعوة والتولّي عن المهمة المكلف بها من ربّه فمن ثمّ حكم الله عليه في علم الغيب بالسجن المؤبد، ليس طيلة حياته بل طيلة الحياة الدنيا، وكذلك يطيل الله عمره بعمر الحياة الدنيا فتستمر حياته وحياة السجن الذي سجنه الله فيه (الحوت) بسبب غضبه من ربّه بغير الحقّ والتولّي عن الاستمرار في مهمة النبوّة بسبب أنّ الله لم يعذب قومه، وقال الله تعالى: 
 {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} 
صدق الله العظيم [الأنبياء:87].
ولكن بالدعاء تستطيعون أن تغيِّروا حكم القدر المقدور في الكتاب المسطور
 كما غيَّر الحكم على يونس عليه الصلاة والسلام بسبب دعائه وتضرعه إلى ربّه مُسبِّحاً ومنيباً إليه ولولا أنّ الله غيّر الحكم عليه بسبب تضرعه إلى ربّه لكان قضى حكم السجن المؤبد طيلة الحياة الدنيا إلى يوم البعث. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} 
 صدق الله العظيم [الصافات].
ولكني أراك حبيبي في الله تُبرِّئ نبيّ الله يونس وتصف الله بالظالم!

 ولربّما يودّ أن يقاطعني (طالب الحق) ويقول: 
"اتقِ الله يا ناصر محمد اليماني فلم أصف الله سبحانه بالظلم.
 تصديقاً لقول الله تعالى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} 
صدق الله العظيم [الكهف:49].
ومن ثمّ يردّ عليك الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:
 إذاً فالسؤال الذي يطرح نفسه للعقل والمنطق هو: 
فهل ظلم الله نبيّه يونس عليه الصلاة والسلام؟
 وبما أنك أتيت لنا بالجواب الحقّ من محكم الكتاب بقول الله تعالى:
  {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} صدق الله العظيم [الكهف:49]. 
فمن ثمّ أقيم عليك الحجّة بالحقّ وأقول: 
إذاً فلماذا حكم الله على نبيّه يونس عليه الصلاة والسلام بالسجن المؤبد طيلة الحياة الدنيا إلى يوم البعث وهو في بطن الحوت؟ 
كون الله سوف يعمَّره ويعمِّر الحوت إلى يوم البعث حتى يقضي الله حكمه بالحقّ على نبيّ الله يونس بالسجن المؤبد طيلة الحياة الدنيا. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)}
 صدق الله العظيم، 
ولكن الدعاء يغيّر الحكم في الكتاب فيبرئ الله ما يريد ويثبت.
 تصديقاً لقول الله تعالى: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}
 صدق الله العظيم [الرعد:39].
وقال الله تعالى: 
 {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} 
صدق الله العظيم [الحديد:22].
ونعم
{إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} كون الله على كل شيء قدير، وبما أنّ الله أمركم بالدعاء فوعدكم بالإجابة دونما قيد أو شرط غير شرط الإخلاص في الدعاء لله وحده وجبت الإجابة من الربّ حتى ولو كان دعاء كافرٍ أو مشركٍ أجابه الله إذا جاء في لحظة دعائه وقلبه خالٍ من الشرك ونسي ما كان يشرك به الله.
تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (43)}
 صدق الله العظيم [الأنعام].
ولكن للأسف فحين تأتي الإجابة بسبب دعائهم الخالص لربهم ومن ثم يوسوس لهم الشيطان أنَّ نجاتهم ليست بسبب دعاء الله؛ بل أسباب طبيعيّة كما أنها هدأت الرياح بالصدفة حسب ظنّهم فهدأت الأمواج! فيردونها لأسبابٍ طبيعيّة وليس إجابة دعائهم من ربّهم لهم! ومن ثم يعودون إلى بغيهم، وقال الله تعالى:
 {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحقّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (23)} 
 صدق الله العظيم [يونس].
وكذلك كفار اليوم يذيقهم الله بالعذاب الأدنى ومن ثم يكشف الله عنهم ما أصابهم ومن ثم يُرجعون
 ذلك إلى أسبابٍ طبيعيّةٍ ذلك لأنهم قوم لا يعقلون.
ويا أحبتي في الله 
 استغفروا الله ولا تستيئسوا من روح الله ولن يعذبكم أبداً. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
 صدق الله العظيم [الأنفال:33].
 فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين..
وأما برهان المؤمن الزائد على قوم يونس وليس من قومه بل هو رجل مغترب يسكن لديهم، 
 فأولاً: نجد تعداد قوم يونس في الكتاب هم مائة ألف بالضبط. 
تصديقاً لقول الله تعالى:  {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ} 
  صدق الله العظيم [الصافات:147].
ومن ثم نأتي لقول الله تعالى:
 
{أَوْ يَزِيدُونَ} صدق الله العظيم،
 فلا يوجد في الكتاب قول لله سبحانه بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئاً حتى يقصد بقوله {أَوْ يَزِيدُونَ} فلا يقصد أنّ قوم يونس قد يكونوا مائة ألف أو يزيدون على ذلك كلا وربي الله؛ بل يقصد رجل زائد في القوم وليس من قوم يونس الأصليين بل ذلك الزائد رجلٌ غريبٌ، ولكن كذلك رسالة الله ليونس تشمله ما دام في قومه ويسكن لديهم؛ بل ذلك الرجل الزائد على مائة ألف هو من كان السبب في نجاة قوم نبيّ الله يونس من العذاب صلّى الله عليه وعليهم جميعاً، 
وأُصلّي وأُسلِّم على جميع المسلمين وأنبياء الله وآلهم إلى يوم الدين.
 
وتالله إني أراك من الذين يبالغون في أنبياء الله ويزعمون أنهم معصومون من الخطأ وإنك لمن الخاطئين في هذه العقيدة،  
ولا أجد في الكتاب أنَّ المعصوم من الخطأ إلا الله وحده سبحانه عما يشركون وتعالى علوا كبيراً؛ 
بل عجباً قولك أخي الكريم بما يلي:
[[إن يونس عليه السلام ذهب مغاضبا من أجل ربّه، وهذا مما هو معروف في اللغة عند العرب، كأن تقول غضبت لك 
أي من أجلك. وغير هذا المعنى لا يصح في الآية.]]
انتهى
ومن ثمّ يردّ عليك الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:
 ولكنّ بيانك هذا يرفضه العقل والمنطق، فكيف يغضب يونس عليه الصلاة والسلام من أجل ربّه، ومن ثم يحكم الله عليه بالسجن المؤبد في بطن الحوت طيلة الحياة الدنيا بسبب أنّه غضب من أجل ربّه فيكون هذا جزاؤه من الله؟ سبحانه وتعالى علوَّاً كبيراً أن يظلم نبيّ الله يونس؛ بل الآية محكمة بيَّنه للعالم والجاهل شئت أم أبيت: 
 {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
  صدق الله العظيم [الأنبياء:87].
فلو كان مغاضباً من قومه من أجل الله فكيف يحكم الله عليه بالسجن المؤبد؟
 لولا تداركه الله برحمته بسبب تضرعه ودعائه، وقال الله تعالى: 
 {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} 
 صدق الله العظيم [الصافات].
ولكنكم تهربون من الحقيقة حتى تبقى عقيدتُكم متناهية في عصمة الأنبياء من الخطيئة! 

ولكني الإمام المهدي أشهد لله أنّ أنبياء الله ورسله ليسوا معصومين من ظلم الخطيئة، تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
  صدق الله العظيم [النمل:11].
كمثل نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسلام قتل نفساً بغير الحقّ ثم قال:
 {قَالَ رَبّ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ}
  صدق الله العظيم [القصص:16].
 ولكن بسبب مبالغتكم في أنبياء الله ورسله وأئمة آل البيت حتى أشركتم بالله لن تبصروا البيان الحق.ويا سبحان الله العظيم! فهل ترى الحكم في الكتاب من الله على نبيّ الله يونس كان هيناً أن يلبث في بطن الحوت حياً طيلة الحياة الدنيا، فهل ذلك الحكم كان بسبب أنه غضب من أجل ربه؟ إنَّ هذا لشيءٌ عُجاب! إذاً لن يغضب المؤمنون من أجل ربهم حتى لا يحكم الله عليهم كما حكم على نبيّ الله يونس، ما لكم كيف تحكمون؟ فهل ترون الحقّ باطلاً والباطلَ حقاً؟ وأعلم إنما ذلك حرصاً منك على برهان عصمة نبيّ الله يونس من الخطيئة، ولكنك تعدّيت في حدود الله ووصفت الله بالظالم كونك لو كنت من الصادقين في بيانك عن غضب نبيّ الله يونس أنّه غضب من أجل ربه؛ إذاً فقد أصبح الله ظالماً في حكمه على نبيّ الله يونس بالسجن المؤبد في بطن الحوت طيلة الحياة الدنيا، فكيف يحكم الله عليه بذلك وهو قد غضب من أجله؟ 
وهيهات هيهات. وقال الله تعالى:  {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}  
صدق الله العظيم [الكهف:49]. 
وما دامت عليك كبيرة أن يغضب نبيّ من ربّه بغير الحقّ وترى أنه لا ينبغي أن يحدث ذلك من نبيّ أن يغضب من ربّه بغير الحقّ وترى ذلك وزراً كبيراً لو حدث من نبيّ، ومن ثم نقول ولكنه حدث يا (طالب الحقّ)، ولذلك كان الحكم عليه من الله عظيم لولا تضرعه إلى ربّه بالدعاء والتسبيح. تصديقاً لقول الله:
 {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)}
 صدق الله العظيم.
وأما بالنسبة لوعد الثلاثة أيام فذلك من مواعيد العذاب المحكمة في الكتاب،
  فإذا أخبر به الله أنبياءه بموعده المعلوم فإنه لا يتجاوز عن (72) ساعة ونستنبطه من ميعاد قوم ثمود فقال لهم نبيّ الله صالح:
 {فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}
  صدق الله العظيم [هود:65].
وأما بالنسبة للزائد على المائة ألف فمن الذي أفتى قوم يونس أن لا يستيئِسوا من رحمة الله فوعظهم أن يؤمنوا بربهم ويتضرعوا إليه بالدعاء وعلَّمهم أنّ الله على كلّ شيءٍ قدير غير الزائد على المائة الألف كونه من المؤمنين؟
 تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} 
  صدق الله العظيم،
 ولا يهم كانت الزيادة واحداً أو أكثر من واحدٍ كما تزعم بل المهم إن الزيادة على المائة ألف كان وراءه سر إنقاذ قوم نبيّ الله يونس كونه من المؤمنين فهو من علَّمهم أن لا يستيئِسوا من رحمة الله وقام فيهم خطيباً فوعظهم وقال لهم قولاً بليغاً.
ويا رجل لو كانوا مجموعة قد صدّقوا واتبعوا نبيّ الله يونس إذاً لخرجوا مع نبيّ الله يونس كونه سوف يخبرهم أنَّ عذاب الله نازلٌ على قومه من بعد ثلاثة أيام، ولكنه رجلٌ واحدٌ يكتم إيمانه حتى عن نبيّ الله يونس، ولذلك لم يخبره نبيّ الله يونس كون الرجل اعتزل القوم ولزم بيته يعبد الله سراً ولم يكن يلازم نبيّ الله يونس حتى لا يكشف القوم إيمانه فيعذّبوه ليفتنوه حتى يعود في ملتهم وهو رجلٌ غريبٌ ليس له من يحميه؛ بل لا يعلم به حتى جبريل عليه الصلاة والسلام الذي تَنَزَّل بميعاد العذاب لينطق به لنبي الله يونس ليبلغ قومه أن الله معذبهم بعد ثلاثة أيام؛ بل خرج نبيّ الله يونس لوحده من قرى قومه ولم أجد أحداً كان برفقته من القوم، وخرج إلى مكان خلاء بعيد عن قرى قومه ثم عاد ليلاً لينظر ما فعل الله بهم من بعده فإذا هو يرى قراهم منيرةً بالضوء ولم يحدث لهم شيئاً في نظره، فهو لا يعلم ما حدث من بعده وأنهم قد شاهدوا عذاب الله نازلاً عليهم في السماء وأنهم قد آمنوا كلهم أجمعون فتضرّعوا إلى ربّهم مؤمنين ومستغفرين وتائبين ومنيبين، وسألوا الله بحقّ رحمته التي كتب على نفسه أن ينقذهم من عذابه وأن يرحمهم إنّه هو الغفور الرحيم فغفر الله لهم وأنقذهم.
 تصديقاً لقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}  
صدق الله العظيم [غافر:60].
ولذلك أجاب الله دعاء قوم يونس. تصديقاً لقول الله تعالى:
 {لَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}
 صدق الله العظيم [يونس:98].
وأما القرى الأخرى الذين أهلكهم الله ولم ينفعهم إيمانهم، وذلك لأنهم آمنوا بالله وبالرسول ولكنه ينقصهم التضرع والدعاء

 فلم يدعوا ربهم أن يكشف العذاب عنهم برحمته بسبب أنهم استيأسوا من رحمة الله ويرون أنه لا مفر لهم من عذابه، 
 وقال الله تعالى: 
 {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (12) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ (13) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (14) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(15)فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ(15)} 
 صدق الله العظيم،
 فانظر لقول الله تعالى:  {فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ}
صدق الله العظيم [الأنبياء:15].
فماهي تلك الدّعوى؟
 إنها الاعتراف أنهم كانوا ظالمين، وقال الله تعالى:
 {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)} 
 صدق الله العظيم، 
فإن الله يقول لكم أنه لم ينفعهم إيمانهم بربّهم حين وقوع العذاب كونه لم يرافق الإيمان التضرع الدعاء بل فقط آمنوا 
واعترفوا أنهم كانوا ظالمين:
 {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)} 
 صدق الله العظيم، 
ولكن قوم يونس أفتاهم الرجل المؤمن أنه لا ينفع الإيمان والإقرار بالظلم ما لم يرافقه التضرع والدعاء إلى الربّ ليكشف عنهم العذاب، ففعلوا ما وعظهم به. وفي ذلك سرّ إنقاذهم كما يوجد سر إنقاذ أمّة الإمام المهدي كما علمكم أنكم حين ترون عذاب الله أن لا تستيئِسوا من رحمة الله، وأنه لا ينفع الإيمان والإقرار بالظلم ما لم يرافقه الدعاء والتضرع إلى الربّ وهذا ما سوف يحدث بالضبط.
 تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ(16)}
  صدق الله العظيم [الدخان].
وصدق عليه الصلاة والسلام إذ قال لي في الرؤيا الحق: 
 [فإن مثلك كمثل الرجل المؤمن الذي أنقذ الله بعلمه قوم يونس]، 
 اِنتهى..
ولكننا لا نريد أن نحاجُّكم بالرؤيا بل بآيات الكتاب إذ لا يوجد في الكتاب أمم أنقذهم الله حين وقوع العذاب إلا قوم نبيّ الله يونس

 وأمّة المهدي المنتظر، تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {لوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} 
 صدق الله العظيم [يونس:98].
وكذلك أمّة المهديّ المنتظَر المقيم فيها. تصديقاً لقول الله تعالى: 
 {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (14) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ(15)} 
 صدق الله العظيم.
ويا رجل، 
وتالله لن تبصر الحقّ من ربك ما لم تكن حقاً طالب حقٍّ وتبحث عن الحقّ ولا تريد غير الحقّ سبيلاً فحقَّ على الله الحقّ
 أن يهديك إلى الحق. تصديقاً لقول الله تعالى: 
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}
 صدق الله العظيم [العنكبوت:69].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين..
خليفة الله وعبده؛ الإمام المهدي ناصر محمد اليماني
 
๑•ิ.•ั๑๑•ิ.•ั๑ ๑•ิ.•ั๑ ๑•ิ.•ั๑