بيان البرهان لبراءة محمدٍ رسول الله -
صلّى الله عليه
وآله وسلّم من أنّه كان يهوى امرأة زيد بن الحارثة..
قال الله تعالى
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ
وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى
زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا
مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً﴿37﴾}
صدق الله العظيم
فماهو الشىء الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه واله في نفسه ؟
فماهو الشىء الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه واله في نفسه ؟
أهو رغبته في الزواج من زوجة زيد ؟وهل قول الله تعالى:
{لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ
إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ
وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴿88﴾}
صدق الله العظيم له علاقة بهذا الموضوع أم لا؟
وسلاما على المرسلين والحمد لله رب العالمين
وسلاما على المرسلين والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة
والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين جدّي محمد رسول الله وآله الطيبين
وجميع المؤمنين
في كل زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين، أمّا بعد..
فإن رؤيا الأنبياء هي أمرٌ لهم من ربّهم وجب عليهم تنفيذه
ومثال ذلك:
نبيّ الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو يخاطب ولده فقال:
{قَالَ
يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ
مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن
شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)}
صدق الله العظيم [الصافات].
ونستنبط من ذلك:
أنّ رؤيا الأنبياء أمرٌ إليهم من ربّهم حين يرون أنّهم يفعلون شيئاً فيجب عليهم فعله، ولذلك قال نبي الله إبراهيم:
{قَالَ
يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ
مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن
شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)}
صدق الله العظيم.
فانظروا، إنّه أمرٌ وجب عليهم فعله تصديقاً لقول الله تعالى:
{قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)}
صدق الله العظيم.
وفي ذلك بلاءٌ من ربّه عظيمٌ ولذلك شهد الله لنبيِّه إبراهيم أنّ ذلك بلاء له من ربّه.
وقال الله تعالى:
{وَنَادَيْنَاهُ
أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ
نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ
(106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)}
صدق الله العظيم [الصافات].
وكذلك
ابتلى الله محمداً رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- فكان يرى في
منامه أن تزوَّج امرأة زيدٍ عليه الصلاة والسلام، فعَلِم النَّبيّ أنّه إذا
طلّقها زيدٌ فيجب عليه تنفيذ أمر ربّه في الرؤيا الحقِّ برغم أنّ النَّبيّ
عليه الصلاة والسلام أخفى الرؤيا في نفسه ولم يُبدها لأحدٍ حتى إذا جاء
زيد بن حارثة إلى النَّبيّ وقال أنه سوف يطلِّق زينب فهنا ارتجف قلبُ
النَّبيّ عليه الصلاة والسلام لكونه لو يطلقها زيدٌ فلا مفرَّ من تنفيذ أمر
ربّه فيتزوج محمدٌ رسول الله زينبَ بنت جحشٍ، وتذكّر ماذا سوف يقول الناس:
كيف
يتزوج امرأة رجلٍ تبنّاه! وكان الناس ينادونه زيد ابن محمد، وحتى ولو لم
يكن ولده فقد تبنّاه فهل عدمنا النساء فلم يجد سواها؟
فمن ثمّ يقول الناس
فلا بُدّ أنّ النَّبيّ كان يهواها ولذلك تزوجها بعد أن طلقها زيدٌ.وذلك
قولهم إفكٌ على النَّبيّ من عند أنفسهم بالظنّ الذي لا يغني من الحقِّ
شيئاً ظلماً وبهتاناً، ويعلم النَّبيّ أنّ النّاس حتماً سوف يقولون ذلك
ولذلك يتمنى محمدٌ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- أن لا يطلق زيدٌ
زينب مدى الحياة، فكلما جاء زيدٌ يقول للنبي أنه يريد أن يطلِّق زينبَ فكان
النَّبيّ يعارض بشدةٍ ويرفض بشدةٍ أن يطلِّق زيدٌ زينبَ؛ بل يقول له
النَّبيّ: "اتّقِ الله يا زيد، اتّقِ الله يا زيد ولا تفعل". وقال الله تعالى:
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ}.
ولكن
ليست المشكلة ما قاله النَّبيّ ظاهر الأمر؛ بل المشكلة بالتزامه بتصديق
الرؤيا بالحقّ ولذلك يقول النَّبيّ لزيد اتّقِ الله ولا تطلقها لكون
النَّبيّ يعلم أن زيداً لو يطلقها فهنا لا مفرّ ولا عذر له من تنفيذ أمر
الله في الرؤيا التي يكتمها في نفسه،
ولذلك قال الله للنبيّ:
{وَإِذْ
تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا
اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا
يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا
قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً﴿37﴾}
صدق الله العظيم [الأحزاب].
حتى
إذا طلقها زيدٌ تقدم النَّبيّ لخطبتها تنفيذاً لأمر ربّه في الرؤيا
الحقِّ، وقد علم أنها رؤيا فيها بلاءٌ له من ربّه كما ابتلى اللهُ إبراهيم
عليه الصلاة والسلام بذبح ولده ونفَّذَ إبراهيم عليه الصلاة والسلام ما جاء
في رؤيا الابتلاء ونفَّذَ محمدٌ رسول الله عليه الصلاة والسلام ما جاء في
رؤيا الابتلاء، ومن بعد ما تزوّج من زينب من بعد تنفيذ رؤيا الابتلاء فمن
ثمّ تَنَزَّلَ في زواجها ذكرٌ في محكم القرآن العظيم يصون عِرْضَ النَّبيّ
إلى يوم القيامة ومُبَيِّناً فيه الحكمة من تزويج محمدٍ رسول الله -صلّى
الله عليه وآله وسلّم- بزينب طليقة زيد بن حارثة.
وقال الله تعالى:
{فَلَمَّا
قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا
مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً﴿37﴾}
صدق الله العظيم [الأحزاب].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين ..
وأما البيان الحقِّ لقول الله تعالى:
{لاَ
تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ
وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴿88﴾}
صدق الله العظيم [الحجر].
وإنما يقصد بقوله { أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } أي: أصنافٍ منهم ولا يقصد النّظر إلى زوجاتهم؛
بل يقصد أن لا يعجبه المال والبنون الذي أمدّ الله به أصنافاً من الكفار.
تصديقاً لقول الله تعالى:
{فَلَا
تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ
لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ
وَهُمْ كَافِرُونَ}
صدق الله العظيم [التوبة:55].
انتهى البيان الحقِّ، حقيق لا نقول على الله إلا الحقِّ،
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.