مالبيان الحق لقوله تعالى:
{وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌرَحِيمٌ}؟
حقيق لا أقول على الله إلا الحقّ، فلو أنّ غنياً خطب بنت أحدكم وهي تحب إنساناً فقيراً بشرط أنه تقدم لخطبتها من تحب فلم يُرِد أبوها أن يزوجه ليس إلا أنه فقير من المال الوفير برغم أنه يرضى خلقه ودينه وإنما رفض أن يزوجه بسبب أنه فقير، وبرغم أنّها تحبه وهو يحبها ولكن أبيها يريد أن يزوّجها للغني ذو المال كونه يبتغي عَرَضاً من الحياة الدنيا وهو المال الوفير مهرها لدى الغني، حتى إذا قرر أبوها أن يزوّجها بالرجل الغني ومن ثم هربت البنت مع من تحب حتى لا يزوّجها أبوها بالغصب للغني لكون ذلك أهون عند الله من أن تقتل نفسها، ومن ثم وقع بها حبيبُها الفقير الذي هربت معه فما هو حكم الله في هذه المسألة؟
ومن ثم نحكم في هذه القضية بما أنزل الله من غير ظلمٍ ونقول لوالد البنت:
عليك أن تزوج ابنتك بمن تحب ولن نقيم حد الله في حكم الزنى عليهما كون أبوها
هو من أكرهها على ذلك. ولذلك قال الله تعالى:
{ وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ
} صدق الله العظيم .
والسؤال الذي يطرح نفسه فما يقصد الله تعالى بقوله:
{ وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
صدق الله العظيم؟
ونقول: ومن يكرههن على البغي مع من تحب فإن الله من بعد إكراههن غفورٌ رحيمٌ، بمعنى: أن الله رفع الحَدَّ عليهما وأمر بتزويجهم شرط التوبة عن فعلتهم ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، ولكن في هذه الحالة يُرفع الحدُّ عند القبض عليهما للمرة الأولى بشرط أن تكون القصة كما ذكرناها.
فكم استفززنا علماء الأمّة في كثير من المسائل علّهم يأتون فيذودون عن حياض دينهم إن كانوا صادقين أن الحقّ معهم فإذا هم يأتون كمثل الأخ الزوم وكأنه لا يعلم
من الأحكام التي بيّناها بالحقّ وهي مخالفة لما هم عليه سُنةً وشيعةً وكافة المذاهب الإسلاميّة إلا قليلاً، وبدأ الدّين غريباً على النّاس وها هو يعود غريباً على النّاس كما بدأ، وليس أننا جئناهم بدينٍ جديدٍ بل كونهم قد خرجوا عن الصراط المستقيم منذ مئات السنين وهم لا يعلمون.
ويا قوم، أجيبوا داعي الاحتكام إلى كتاب الله لنحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون من محكم القرآن العظيم إن كنتم به مؤمنين فأجيبوا دعوة الاحتكام إلى كتاب الله إن كنتم صادقين. وسلامٌ على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.
وربّما يودّ أحد العاشقين عبيد الهوى أن يقول:
"يا إمام ناصر محمد اليماني، إني أحبّ بنت فلان وخطبتها من أبيها ورفض
فهل يحلّ لي أن آتيَ فاحشةَ البغيّ معها بسبب دافع حبِّها؟".
ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:
بل حَكَمَ الله عليك بمائة جلدةٍ أمام طائفةٍ من المؤمنين إن ثبت عليك فعلُ ذلك وسوف تَصْلَى ناراً وسعيراً ولن تجد لك من دون الله ولياً ولا نصيراً إذا لم تتُبْ إلى ربّك متاباً.
فمنكم من يحرّف الكَلِم والأحكام عن مواضعه،
وما أَحَلَّ لكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني أن ترتكبوا فاحشة الزنا مع بنات النّاس بحجّة الحبِّ فلا تفتروا علينا ما لم نقله، بل حكم الله واضحٌ لا غبار عليه
أنّه رفع الحدّ عنهما
في حالة أن أباها رفض أن يزوّجها بمن تحبّ لكونه يريد أن يزوّجها لغني
ابتغى عَرَضاً من عروض الحياة الدنيا،
حتى إذا رأت البنت أن أباها قرر أن يزوّجها غصباً للغني ويرفض أن يزوّجها بمن تحب نظراً لأنه فقيرٌ فهنا جعلها أبوها بين أمرين أحلاهما مرّ فأمّا أن تقتل نفسها وإمّا أن تهرب مع من تحب! ومن ثم قررت أن تهرب مع الفقير الذي أحبته وتريده زوجاً لها بالحلال ومن ثم هربت مع الفقير فقد يخلوان بأنفسهما لياليَ وأياماً وقد يقع بها، وخلق الإنسان ضعيفاً. ففي هذه الحالة فقط يُرفع حدّ البغي عنهما، وغفر الله لهما ما فعلوا،
و يجب على أبيها أن يزوّجها بمن تحب ويرفع عنهما حدَّ البغي، وذلك جزاء من الله لأبيها الذي أكرهها على البغي برغم أنها أرادت من أبيها أن يزوّجها
بمن تحب بالحلال. تصديقاً لقول الله تعالى:
{ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
صدق الله العظيم
وليس مجرد حبّ في القلب بدافع الهوى بل إن أردنَ تحصناً أي إن أرادت أن تتزوج بمن تحب فلا يحقّ لأبيها أن يرفض ذلك، وهذه حياتها ولها الحقّ في اختيار شريكها في الحياة الزوجيّة لتكوين الأسرة المسلمة، وتَقَدَّمَ حبيبُها لخطبتها فرفضه أبوها كونه يريد أن يزوّجها برجلٍ آخرَ غنيّ بالمال، حتى إذا تقدم لها الغني فإذا بأبيها يوافق فوراً دونما أن يرجع إلى ابنته لأخذ رأيها، فإذا قرر أبوها أن يزوّجها للغني ومن ثم هربت مع من تحب ففي هذه الحالة يُرفع عنها وعن من تحبّ حدّ البغيّ ويتمّ تزويجهما فوراً بعقدِ شرعيّ من أبيها ولي أمرها. ولذلك قال الله تعالى:
{ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
صدق الله العظيم
ويا معشر علماء المسلمين وأمّتهم،
لقد حرّم الله الظلم على نفسه وجعله بينكم محرماً فلا يجوز لكم أن تظلموا بناتكم فتزوجوهنّ كُرها لرجلٍ وهي تحبّ رجلاً آخر غيره وتريد أن تتحصّن به بالحلال، فيأبى أبوها إلا أن يزوّجها لمن يشاء هو وليس من تشاء هي، ألا لعنة الله على الظالمين.
فهذه روحٌ وليست سيارةٌ تبيعها لمن تشاء مقابل عَرَضاً من الحياة الدنيا أفلا تتقون؟
فمن ذا الذي يجادلني في هذا الحكم إلا أخرست لسانه بالحق؟
وما نريد قوله:
إنه محرم على المؤمنين أن يزوّجوا بناتهم كرهاً بمن لا تريده لكونه سوف يجبرها فِعلُ أبيها على البغي، ولذلك حرّم الله على الآباء أن يزوّجوا بناتهم كرهاً ابتغاء عرض الحياة الدنيا فلا يبالون برأيها فسواء لديهم شاءت أم أبت، فمن يجركم من عذاب الله إن كنتم صادقين؟ فما أحل الله لكم ظلم أبنائكم أفلا تتقون؟
فالله هو أولى بعبده من أمّه وأبيه ولا يقبل على عباده الظلم فقد حرم الظلم
على نفسه وجعله بين عباده محرماً، فاتقوا الله وأطيعونِ لعلكم تهتدون.
وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين
خليفة الله الإمام المهدي ناصر محمد اليماني